كذبة الإصلاحات في لباس الخدمات

كذبة الإصلاحات في لباس الخدمات
السفير د. هشام حمدان

طالعنا وزير الإعلام بأن الحكومة ستقدم رزمة إصلاحات.
نحن من مؤيدي الإصلاح طبعا. لكن قلنا ونكرر أن الإصلاح لا يتم بالقطعة وخاصة في وطننا الذي كان ضحية حروب تدميرية فككت مجتمعه وناسه، وبدلت من ثقافات شبابه، وغيرت بهويته الثقافية ودوره التاريخي. قلنا ونكرر أن ثمة حاجة إلى برنامج وطني استراتيجي تحت عنوان بناء السلام بعد النزاع.

لا نفهم لماذا أقام رئيس الحكومة عشر سنوات على رأس بعثة لبنان في نيويورك، يتمتع بإقامة في منهاتن، ويقبض الرواتب من جيب المكلف اللبناني، إذا لم يكن بغرض فائدة لبنان وشعبه؟

لقد لفتنا رئيس البلاد و رئيس الحكومة الى برنامج الامم المتحدة لبناء السلم بعد النزاع، ألذي يجب أن يكون دولة الرئيس على إلمام تام به. لكنهما للأسف، أدارا أذنيهما الصماء. هما يقران بل ومصممان على أن يكون هذا العهد وهذه الحكومة امتدادا لتاريخ الحروب، وليسا المدخل للخروج منها. أردنا لهما بصدق وإخلاص ألنجاح، لكنهما رفضا. كانت النصيحة في الأزمان الماضية بجمل.

لا إصلاح ولا تغيير في لبنان طالما لم تتم مواجهة الأسباب التي أوصلتنا إلى الحرب. لبنان كان درة الشرق، وكان ينعم بأقوى اقتصاد. ورغم ذلك، أصبح من البلدان التعيسة. بناء الإنسان يا صاحب الفخامة ويا دولة الرئيس أهم من هيكلة النظام وبناء الحجر.

كيف يمكن الإصلاح، والسلاح المتفلت ما زال يحكم الشارع؟ لماذا تتردد الحكومة باتخاذ قرار نزع السلاح غير الشرعي من الشارع؟ هذا هو القرار الإصلاحي الأول المنشود. أي إصلاح تتحدثون عنه في بلد منقوص السيادة؟
كيف يتم الإصلاح، والحرب الإسرائيلية الأميركية الإيرانية ما زالت مشتعلة على أرضنا؟
نعتقد أن الهم الأول لهذا العهد وهذه الحكومة يجب أن يكون إستعادة سيادة لبنان، واستعادة القرار بالشؤون السيادية إلى الدولة وحدها. يجب إستعادة إحترام الناس والمجتمع الدولي، للبنان.
من حق أهل الجنوب أن يطمئنوا أولا إلى غدهم، وأن يعودوا إلى بيوتهم، وأن يشعروا بالإستقرار في ربوع وطنهم. يجب العودة إلى اتفاق الهدنة كمحطة أولى في المسيرة نحو السلام وفقا لإعلان جامعة الدول العربية عام ٢٠٠٢، والأرض مقابل السلام. من هنا يبدأ الإصلاح. من حيث كانت الجريمة الكبرى بحق الوطن وأهله.

كيف يمكن الإصلاح، والقيادات التي سفكت دماء اللبنانيين وشردتهم ودمرت بيوتهم، ما زالت تحكم الحكومة وتقود العهد؟ في الواقع، لم تتحقق مصالحة وطنية. تحققت المصالحة بين أمراء الحرب، لكن النفوس ما زالت مشحونة، وما زال الجمر تحت الرماد. لا إصلاح بدون تحقيق المصالحة الوطنية. ولا مصالحة وطنية بدون عدالة. ولا عدالة بدون رجال حكم ودولة يدفعون بقرارات: كإلغاء كل مظاهر النفخ في النار، والمطالبة بالتعويض من الدول التي تسببت في دمار البلاد.

كيف يتم الإصلاح، وأموال الناس منهوبة، والفساد يزداد ويستشري؟ أين هي إجراءات ملاحقة الفساد؟ أول إصلاح منشود، هو إقامة محكمة برعاية دولية تحت عنوان: من أين لك هذا؟
ألمحاكمة تحت رعاية دولية، تسمح بمطالبة الدول بإعادة الأموال التي أودعها الفاسدون الكبار وسفاكوا الدماء، في الخارج، وتعويض الناس بها، وإصلاح بناهم التحتية، وتوفير الرفاهية لهم.

لا يا حكومة!
ما تقومين به حتى الآن، وما تنوين القيام به، ليسا سوى سرقة مقنعة لأحلام الناس وطموحاتهم، وخدمة لمصالح سياسية، ولأغراض نافذين. لا يمكنكم خداعنا. ولا يمكنكم الاستمرار بالضحك على عقولنا.

نعلم أنكم ستدفعون بالإعلام للترويج لجماليات الإصلاحات التي تنكبون عليها، للتورية على ضعفكم وعجزكم في مواجهة الإصلاحات الحقيقية المرجوة.

الإعلام في خدمتكم، لكن الشعب لم يعد قاصرا. معظم شبابنا الآن في الخارج، وعقولهم تحررت، ويتساءلون إلى متى ؟

لبنان بقيادتكم يستمر حتى الان كمزرعة، وأنتم تحاولون تنظيم الأمور في هذه المزرعة، وليس نقلها الى كيان دولة حضارية. نتمنى أن تستفيقوا.

Spread the love

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *