كمال جنبلاط: نموذج قائد يختصر حكاية وطن وشعب

كمال جنبلاط: نموذج قائد يختصر حكاية وطن وشعب

“المعلم “، عبارة يتداولها الصغير والكبير في المحيط الدرزي عندما يتحدثون عن الشهيد كمال جنبلاط. لكن بالنسبة للأغلبية الساحقة منهم، فعبارة المعلم ليست سوى تكرار ببغائي لعبارة سمعوها من الآخرين. وهي لا تعني لهم اي معنى خارج مفهوم عبارة الزعيم الذي يصر بعض الملتصقين بقصر المختارة على إطلاقه على من يولد في هذا القصر منذ ولادته. معظم الدروز يعتبرون قصر المختارة رمز لحضورهم ووجودهم وبقائهم. مفهوم قبلي متوارث منذ القرن السابع عشر وما زال.

كمال جنبلاط كان فيلسوفا صوفيا ومرشدا في التربية الأخلاقية الإنسانية ولذلك سمي بالمعلم

رفض كمال جنبلاط ارثه الاقطاعي. رفض ان يقبع في الماضي الموروث في زمن تنهض فيه الحركات الوطنية ضد الاستعمار وضد من بعث بالإقطاع والزعامات المحلية لفرض سلطانه من خلالها، على الشعوب الأخرى. أراد كمال جنبلاط ان يكون جزءا من الحاضر وصانعا للتاريخ. وان يكون مثالا لرجالات من عصره كغاندي وجواهر لال نهرو، وتيتو وعبدالناصر.

درس الفلسفة وتعمق بها فأصبح مرجعا للقراءات الفلسفية وعشق الصوفية والتصوف، وعندما كتب في السياسة اخرج نموذجا سياسيا يستقي الجوانب الإنسانية الأخلاقية من الفكر الاشتراكي وابتعد عن الجوانب المادية التي تدمر البواعث الأخلاقية عند الفرد.

درس الفلسفة وتعمق بها فأصبح مرجعا للقراءات الفلسفية وعشق الصوفية والتصوف

اما في السياسة فقد سعى ان يقدم نموذجا للحكم الرشيد فظل كفه ناصعا نظيفا، مارس مفهومه للحريات العامة وامتنع عن التدخل في شؤون القضاء.

كان يدرك مساوىء العمل السياسي في لبنان لكنه قدره. لم يستطع ان يخرج من نظام طائفي ينظم تقديم الخدمات العامة من خلال المراجع الطائفية السياسية او الدينية. لذلك، ظل يمارس دوره القيادي في مجتمعه على علاته.

عندما كتب في السياسة اخرج نموذجا سياسيا يستقي الجوانب الإنسانية الأخلاقية من الفكر الاشتراكي وابتعد عن الجوانب المادية التي تدمر البواعث الأخلاقية عند الفرد

كمال جنبلاط كان فيلسوفا صوفيا ومرشدا في التربية الأخلاقية الإنسانية ولذلك سمي بالمعلم.
اخطا يوم سعى ان يمارس فكره التحرري في وطن تحكمه مثل هذه الشريعة المذهبية. حمل القضية الفلسطينية التي حررها من التبعية للأنظمة العربية، متغافلا انها في المحصلة اسيرة شعب يشده اليها الانتماء الطائفي اكثر بكثير من الايمان الحقوقي.
لكنه ظل وفيا لفكره الفلسفي. قال إذا خيرت بين ضميرك وحزبك فاختر ضميرك. لم تهزه المادة. ولا البهرجة المادية. صاحب أخلاق ومباديء لم يتبدل ويتلون عند تغير الظروف. وقف عند كلمته ودفع ثمنها.

كمال جنبلاط حي في الاحرار الذي يحملون مثله المباديء، وقد مات منذ اللحظة الاولى لمقتله عند الذين يرون في قصر المختارة مقر زعامة قبلية.
السفير د. هشام حمدان في 16 مارس،

Spread the love

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *