مستقبل لبنان ينتظر مصير الضغوط الأميركية الروسية على إيران
السفير د. هشام حمدان
إهتمّ الرئيس الأميركي بتحقيق السلام في أوكرانيا. وهو يقيم علاقة مميزة مع نظيره الروسي بهذا الصدد. وبالمقابل، تهتم روسيا بتحقيق سلام بين الولايات المتحدة وايران. فموسكو لا تستطيع القبول بتدمير ايران وزعزعة النظام القائم فيها، نظرا لما لها من مصالح إقتصادية وسياسية وأمنية فيها.
من المرجح أن تسعى موسكو الى إقناع إيران بالدخول في مفاوضات جدية مع واشنطن تلبي فيها أهم شروط الأخيرة، وهي خروج إيران من العالم العربي نهائياً، ووقف دعمها للميليشيات الشيعية فيه، هذا إضافة الى تقديم كل الضمانات لعدم الإضرار بأمن إسرائيل.
تتوافق مصلحة واشنطن مع مصلحة موسكو. فواشنطن لا تريد تدمير إيران بل استيعاب طموحات النظام فيها، وإعادته الى دوره الإقليمي التقليدي، تحت هيمنة وتوجيه الغرب. كانت إيران وما تزال، من الدول الأساسية في النظام الأمني الاستراتيجي للولايات المتحدة في منطقة غرب اسيا والقوقاز.
أشارت المعلومات إلى انسحاب إيراني من اليمن على غرار انسحابها من لبنان. نحن لا نتوقع إنسحاب إيراني كامل من العالم العربي ما لم يتم التوصل إلى اتفاق أولا مع الولايات المتحدة. لذلك تبقي إيران بعض عناصر ضغوطها قائمة من خلال ميليشياتها في الأوطان العربية، بدفع هذه الميليشيات إلى مواقف وممارسات ولو محدودة، تزعزع الإستقرار.
يقع لبنان في دائرة هذه التحركات الإيرانية. تتابع ميليشياتها لعبة الضغوط من خلال رفض تسليم حزبها سلاحه شمال الليطاني والإحتجاج بالإحتلالات الإسراييلية المستمرة في بعض المواقع الجنوبية. وعليه، تستمر إسرائيل بقصف متقطع في لبنان يزيد من معاناة أهل الجنوب والضاحية. بل هناك خطر في اعادة إشعال إسرائيل لحرب جديدة بغية القضاء على ما تبقى من قادة لميليشيا حزب الله يأتمرون بأوامر ايران. وبالطبع، سيدفع شعب لبنان وليس فقط شعب الضاحية والجنوب وربما البقاع ايضا، ألأثمان، والأثمان ستكون غالية جدا.
يستمر أهلنا الشيعة رهينة المصالح الإيرانية. ربما يرى البعض أن مصالح إيران هي في المحصلة مصالحهم أيضا بسبب الانتماء المذهبي. لكن في الواقع، كل ذلك يتم على حساب بيئة هذه الجماعة ومصالحها.
ومن المؤسف أن السلطة السياسية في لبنان، تدير ظهرها لمعاناتهم وتخضع لضغوط الميليشيا. وهي تقوم بخيانتهم كمواطنين لبنانيين اذ تتعامل معهم أولا كمواطنين شيعة ورابطهم ليس الهوية الوطنية بل الهوية المذهبية.
من واجب الدولة أن تنظر إلى أهالي الجنوب والضاحية كمواطنين من حقهم أن تدافع الدولة عنهم ضد أية جهة تسعى إلى تحويلهم إلى وقود في حروبها تحت عنوان مذهبي.
ألمشكلة أن هذه السلطة التي جاءت لتخرج لبنان من لعبة المحاصصة المذهبية واستعادة الهوية الوطنية، لا تأبه اهذا الأمر، بل تمارس لعبة المحاصصة وتعزيز دور الأحزاب.
حتى تسمية المستشارين عند الرئيسين يحمل بعدا مذهبيا وحزبيا.
بئس هذه السلطة! سقطت منذ الأسابيع الأولى للعهد.