ورقة إنطوت.
بعضهم وبقصر نظر غريب عجيب يرفض التصديق باللاوعي الباطني وتحت تأثير أدمغتهم المغسولة وعقولهم المتصحرة، أن لبنان الذي أرادوه على صورة ومثال طهران وقم وبعث بشار وبغداد لم يعد موجوداً و ممكنا إلا في مخيلاتهم المريضة، هم الذين يراهنون على تغيير الأحوال في أحلام اليقظة والأوهام والأحلام، وقد أصابهم الزلزال فإنقلبت بهم الأرض رأسا على عقب، بعد أن اعتقدوا أنهم بصواريخهم وأموالهم “الطاهرة” وأعدادهم الغفيرة، تغيير مسار الدول والأنظمة حتى وصل بهم الأمر منذ حين إلى تهديد جزيرة قبرص الأطلسية حيث القواعد البريطانية الكبيرة، وإلى توجيه رسائلهم التهديدية إلى معظم دول الكرة الأرضية، بعضهم مازال يحلم أن ما يسمى “حزب الله” سينبعث ويقوم من كبوته مجدداً، ويقف على قدميه بكبسة زر أو بخبطة دعاء على الصدر، وإن السيد نصرالله هو خليفة الإمام محمد المهدي المنتظر الذي اختفى العام ٨٧٨ م سيعود ليحرر الأرض ويسود عليها ويفرض شريعته وقانونه وعدله… فيما يعتقد البعض الآخر أن “السيد” هو كمارتن لوثر كينغ وبوليفار وجاندارك ونابوليون، يبقى بصمة دامغة في سجل التاريخ السياسي والإسلامي والبشري.
وفي الواقع الأليم يحق للساقطين الحلم وعدم التصديق، فالذي أصابهم كارثة بل هي الكارثة الكبرى، فسقوط محور ولاية الفقيه بأذرعه المتعددة: الحماسية في غزة والبعثية في سوريا والخمينية في لبنان، كان سقوطا مريعا وغير منتظر، وقد حان اليوم ومن حوثيي اليمن ليكتمل النقل بالزعرور كما يقول المثل، وتعود إيران إلى داخل حدودها، تجتر خسايرها، وتبكي ذاتها، وتتٱسف على عشرات المليارات من الدولارات التي ذهبت هباء، وعلى ضياع استثماراتها السياسية والعقائدية والمذهبية على ساحات البلدان العربية.
ويبقى لبنان هو الرابح الاكبر في هذه المعمعة إن عرف المتولين عليه استثمار هزيمة محور إيران، ليسيروا به أن يكون دولة حرة، مزدهرة، دولة يسود عليها القانون وعدالة الأرض والمساواة، دولة تتسع لجميع أبنائها دون تمييز ديني أو مذهبي، يتساوى فيها جميع الناس في الحقوق والواجبات والمواطنة، ليصنعوا تاريخهم الجديد ومستقبلهم الموعود، بعيداً عن هيمنة سلاح الميليشيات، وبعيداً عن الخضوع لولاية الفقيه. والسلام….
د. جو حتي