ألخلية الإخوانية في الأردن، تحذير بالغ الأهمية للبنان

ألخلية الإخوانية في الأردن، تحذير بالغ الأهمية للبنان.
السفير د. هشام حمدان

لطالما كان الأردن هدفا أساسياً لمجموعات المقاومة الفلسطينية في مسار عملياتها العسكرية ضد إسرائيل. ولطالما تحول لبنان إلى بديل حاضر عند فشل تلك المجموعات في تركزها في الأردن.

بدأت المقاومة الفلسطينية بقيادة عرفات، جهودها وتركيز عملياتها ضد إسرائيل بعد هزيمة عام ١٩٦٧، في المخيمات الفلسطينية في الأردن. قامت بتنظيم قاعدة للمقاومة في الضفة الغربية، وبدأت تنظيم عمليات لها عبر نهر الأردن. فالأردن والضفة الغربية، توأمان متلاصقان يفصل بينهما نهر الأردن وجسر اللنبي. وقد جاء ذلك في وقت كانت فيه القيادات الفلسطينية تتخذ من لبنان مقرا سياسيا وإعلاميا لها.

كانت المقاومة بقيادة عرفات تدرك أن العمليات من جنوب لبنان لا تحقق النتائج العملانية المتوخاة باعتبار أن الحدود اللبنانية الجنوبية تتصل بالأراضي التي ضمتها إسرائيل في حرب عام ١٩٤٨، وهي تتبع وفقا لقرار مجلس الامن رقم ٢٤٢، لإسرائيل.

إنكب عرفات على تركيز عمليات فتح من الأردن خاصة، وأنه كان يتفق مع القرار ٢٤٢ ومبدأ الأرض مقابل السلام. لكن ألأنظمة القومية الثورية بما في ذلك نظام البعث في سورية، عمدوا إلى تحريك عمليات محدودة من جنوب لبنان.

واجه الأردن العمليات الفلسطينية خاصة، بعد ردود الفعل الإسرائيلية العسكرية. إضطرّ الأردن الى خوض حرب عام ١٩٦٨ ( معركة الكرامة) لمنع اجتياح إسرائيل للعمق الأردني. كما عانى لبنان من عمليات عسكرية إسرائيلية، حيث قامت إسرائيل بتدمير أسطول الطيران اللبناني عام ١٩٦٨ أيضا. قام الجيش اللبناني بمحاولة لوقف خرق مجموعات المقاومة لإتفاق الهدنة مع إسرائيل لعام ١٩٤٩، فواجهته القوى الثورية المتحالفة مع الأنظمة القومية العربية، بما فيهم رئيس الحكومة آنذاك رشيد كرامي، ألذي اعتكف في منزله الطرابلسي لتسعة أشهر، ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي كمال جنبلاط، ألذي كان يؤمن بالعروبة الناصرية.

تدخل الرئيس عبد الناصر، وكان يدرك الفرق بين الفكر المقاوم لعرفات القابل بالقرار ٢٤٢، والأرض مقابل السلام، والفكر المقاوم الثوري الرافض لذلك القرار الملتزم شعاره “ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة”. ألزم الثوريون العرب لبنان بتوقيع إتفاق القاهرة المشؤوم.

قام الملك حسين في أيلول ١٩٧٠، بتصفية المقاومة الفلسطينية لعرفات على أراضي الأردن. لم يأبه الملك حسين للأنظمة الثورية العربية، فقد كان صاحب القرار في مصير بلاده. تحولت مقاومة عرفات الفلسطينية بدورها، إلى لبنان، وحصل ما حصل منذ ذلك العام وحتى تاريخه.

نقول ذلك لنحذر من أن إنهاء الحكم في الأردن لمجموعة الاخوان المسلمين في البلاد، سيدفع هؤلاء إلى لبنان. صحيح أنه يوجد في سورية حكم واضح للإخوان، لكن لن يتم استخدام الحكم في سورية لمواجهة إسرائيل، إذ يدرك الإخوان نتائج مثل تلك المواجهة، ولا يرغبون بالتضحية بهذا النظام، أقله في المرحلة الحالية.

نخشى أن تسعى تركيا إلى ملء الفراغ الذي ستتركه ايران في الشارع الإسلامي المعبأ ضد إسرائيل. قد لا تجد إيران سوى التوافق مع تركيا على تجيير الشارع الشيعي في لبنان للتحالف مع الإخوان لمتابعة المواجهة مع إسرائيل، وذلك مقابل إطلاق تركيا يد إيران في العراق، والعمل المشترك لإحتواء الأكراد، خاصة، بعد إعلان أوجلان أخيرا عن إنهاء العمل العسكري ضد تركيا.

من حسن حظنا، أن نجيب ميقاتي ليس في الحكم. فميقاتي، كان يمكن أن يكون رشيد كرامي آخر ويدفع بالبلاد إلى أتون مشكلة جديدة لما يسمى مقاومة. كما من حسن حظ لبنان أن الأنظمة القومية الثورية تلاشت، ونحظى اليوم بدعم قوى الإعتدال العربي. وخاصة، السعودية التي تشكل أهم واقي من تحركات متطرفة سنية، بما في ذلك حركة الإخوان المسلمين ومؤيديهم في لبنان مثل وليد جنبلاط.

كانت السعودية وما زالت داعمة للحقوق الفلسطينية، لكنها رفضت إستغلال القضية لأغراض الصراع في الشرق الأوسط. إلتزمت وما زالت، قرار الأرض مقابل السلام. رفضت مفاهيم القومية الثورية العربية، ومثلها الدينية الداعية إلى إزالة إسرائيل من فلسطين التاريخية.

نحن نثق أن الرئيسين عون وسلام يدركان هذا الأمر. وكانت إتصالاتهما ومواقفهما مع السلطات الأردنية خير دليل على عمق الإلتزام بمسيرة السلام في لبنان. لكننا رغم ذلك، نأمل مراقبة حركة المجموعات المتفاعلة مع حماس خاصة، بعد إطلاق الصواريخ مؤخرا من الجنوب. نخشى من تفاعل الجماعات المتبقية من مريدي إيران في حزب الله مع هذه الجماعات السنية، لا سيما إذا اتفقت تركيا وايران على هذا الأمر.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *