الإصلاح المجزأ في لبنان لن يكون الحل

الإصلاح المجزأ في لبنان لن يكون الحل.
السفير د. هشام حمدان

قرأت عن الأفكار الإصلاحية التي أعلنها رئيس الحكومة في مقابلته مع نقيب وأعضاء نقابة الصحافة. لا أخفي شعوري بأن أفكار دولة الرئيس ما زالت مشوشة ومتبعثرة رغم إيجابياتها الظاهريّة.

لا نشك بنية دولته الطيبة لتحقيق الإصلاح. لكننا نعتقد أن تعاطيه مع القضايا العامة يخضع ولا شك الى تكوين شخصي قام على قاعدة فكرية شعبوية مارسها طويلا في نضالاته الوطنية، وعلى مفهوم المساومة التي طبعت رموز التحرك السياسي لسنوات عديدة نتيجة التحولات التي شهدها لبنان منذ عام ١٩٦٨ وحتى تاريخه.

يجب أن يخرج رئيس الحكومة من فكرة او عقدة أنه سوبرمان، والعمل بمنطق الشراكة في وضع استراتيجية وطنية تدرس بعمق أسباب الواقع القائم. لا حلول من دون دراسة معمقة لأسباب المشكلة. وقد كتبنا مرارا أن لبنان يمكن أن يستفيد من برنامج الأمم المتحدة لبناء السلام بعد النزاع كي يضع مثل هذه الإستراتيجية وبالمشاركة مع الهيئات الأهلية.

من الواضح أن منطق الشراكة الذي تلتحف داخله عقدة السوبرمان، سواء عند رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية، هو الذي يدمر حتى الآن كل أمل في الإصلاح. فالرئيس سلام وأيضا الرئيس عون يعتبران أن الشراكة تقوم على التعاون مع السياسيين والأحزاب والرموز القائمة في البلاد. وهذا هو الخطأ الكبير الذي لفتنا اليه ونبهنا له منذ البداية. الشراكة من أجل الإصلاح لا تقوم مع الرموز التي أوصلت البلاد إلى الخراب مهما يكن واقع هيمنتها الظاهر على الرأي العام. رحم الله الرئيس فواد شهاب فقد عرف كيف يوازن في التعاطي مع رموز أزمة ١٩٥٨ وتحقيق الإصلاح المنشود من دونهم.

لدينا تجربة الرئيس رفيق الحريري. لقد تمكن الحريري من تحقيق إصلاحات كبيرة جدا في البنى التحتية وبنى الأنفاق والجسور والمطار وووو…
تعاون الرئيس الحريري مع الرموز ذاتها التي يتعاون الرئيسان عون وسلام معها. تعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وانشأ وزارة التنمية الإدارية وغيرها فماذا كانت النتيجة؟ ترك البلاد ترزح تحت عبء ديون هائلة. ترك البلاد سائبة لأمراء الحرب واعوانهم وهو قتل في النهاية، وعاد لبنان الى حالة اسوأ مما كان عليه بعد الحرب الأهلية.

لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين. الإصلاح لا يبدأ في الكهرباء والماء والجسور والبنى التحتية فقط بل في تحرير الإنسان الخاضع لأمراء الحرب. ونزع نزعة الحرب والكراهية التي فرضتها ظروف الحرب من نفوس الناس. متى تعترفان يا فخامة الرئيس، ويا دولة الرئيس، أن لبنان في حالة حرب، ويجب أن يخرج أولا من حالة الحرب لبناء السلام وإقامة الإصلاح ؟

ما قلتماه في قسم اليمين وبيان قبول التكليف لا يضع إصلاح البنى التحتية أولية بل إعادة السيادة وسلطة الدولة وإنهاء الدويلة وكل مظاهرها، وانهاء كل مظاهر الإدارات الأهلية غير الشرعية المستمرة واقعا في الكانتونات الطائفية. أنتما لا تقومان بذلك.

أخي المواطن،
لا تغرنك ساعات الكهرباء الإضافية التي أنعموا بها عليك، ولا تتأمل خيرا في هذه القوانين المتفرقة بشان نزع السرية المصرفية. أموالك لن تعاد لك بل سيزيدون ديونا جديدة على عاتق أبنائك. هم يوقعون في الولايات المتحدة عقودا جديدة تدر اموالاً يمكن لأمراء الحرب نهبها كما فعلوا سابقا. قنبلة واحدة تدمر كل شيء ما عدا الديون التي سترافقك مع أولادك إلى ابد الآبدين. لبنان ما زال في حالة الحرب.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *