لا شيء يدوم سوى وجه الله. هل اقتربت نهاية إقطاعية آل جنبلاط؟

لا شيء يدوم سوى وجه الله. هل اقتربت نهاية إقطاعية آل جنبلاط؟
السفير د. هشام حمدان

لا أتحدث بباعث التمني أو لأية أسباب خاصة. إنما بقراءة علمية لمفهوم تطور العلاقات الدولية منذ مئات السنوات.

نعلم تاريخ الإقطاع الجنبلاطي ودورهم التاريخي في جبل لبنان الذي كان مقاطعة منفصلة تابعة لولاة معينين من السلطنة العثمانية سواء في الشام أو بيروت أو عكا.

تبدلت أمور كثيرة في المنطقة. دخلنا سايكس بيكو وتم تقسيم المنطقة بين بريطانيا وفرنسا. إحتاج كل منهما القيادات التقليدية في المناطق الخاضعة لسيطرتهما. كانت الكنيسة قد قضت على إقطاع آل الخازن واستلمت قيادة الطائفة المارونية منذ ثورة طانيوس شاهين. أما في الجبل فاستمر آل جنبلاط بعد انتصار القيسيين في عين دارة . لم تتردد الست نظيرة في التعاون مع المفوض السامي الفرنسي. لكن ابنها كمال جنبلاط، أدرك التحول الدولي منذ أربعينيات القرن الماضي والإندفاعة للتحرر من الاستعمار، فذهب نحو العروبة الثورية الهادفة الى الاستقلال والتحرر.

قتل كمال جنبلاط، جاء ابنه وليد. لم يشهد الأخير نظاما دوليا أو إقليميا مستقرا على إفكار إيديولوجية قومية ثابتة. سادت في عهده الإيديولوجيا المذهبية ألتي دفع بها الغرب أواخر سبعينيات القرن الماضي لمواجهة الشيوعية. تحالف نظام دمشق ألذي كان يرفع شعارات قومية ثورية عربية مع نظام الخميني وولاية الفقيه. غلب ثوبه المذهبي العلوي على مفهومه القومي، وتفاعل مع هذا التوجه بكل قوة، على الساحة اللبنانية.

حافظ الاسد، هو الذي شكل الحاضن والموجه لوليد جنبلاط . أصبح الفكر الجنبلاطي منشغلا في كيفية الإستمرار في ظل تناطح قوى إقليمية متمايزة دينيا وسياسيا. ضاعت بوصلته الإيديولوجية. تراه يوما يتحدث عن عروبة لا يعرف هو نفسه أي لباس إديولوجي تحمله. ثم يتحدث في يوم آخر عن المقاومة الإسلامية كحاجة، ثم يتذكر السعودية، فيعود إلى أهل السنة ويطلب من الدروز العودة إلى المساجد واتباع تعاليم الاسلام السني، ثم يتذكر خاله الأمير شكيب أرسلان، فيصبح من الإخوان الذين يرون العروبة مفهوما دينيا إسلاميا، ويرون قضية فلسطين: ألقدس فقط، فيقف مع الحكم في دمشق ضد أهلنا الدروز في السويداء. وبين كل هذا وذاك، يتذكر أن العالم اليوم تقوده الولايات المتحدة، فيحاول أن يرسو على مرساة تاريخ والدته بالحديث باللغة الفرنسية آملا بالاقتراب من أميركا من بوابة باريس.

مسكين وليد جنبلاط. ضياع هويته الحنبلاطية أضاعت حتى دوره الوطني. لم يرفع شعارات وطنية. ظل في الدور التاريخي لآل جنبلاط إلا وهو دور الخادم لقوى الخارج كرافعة لقوّته المحلية .

لا يستطيع وليد جنبلاط أن يعود إلى الوطن. فهو خرج من ثوب والده منذ البداية ولبس ثوب قاتل والده. صار تاريخه الدموي في لبنان، جزءا من التاريخ الدموي السوري على الأرض اللبنانية. قد يمكنه خداع الدروز بشعارات الحفاظ على الارض والعرض. لكنه لا يستطيع ان يخدع اللاعب الخارجي. ترى ما هو دور بيت جنبلاط بعد الان؟

كنت أول من أشار إلى تجاهل المبعوثة الأميركية له. ثارت ثائرته. لكن من دون فائدة. أميركا لا تحتاج إلى ال جنبلاط بعد الان . أميركا هي الشرق الأوسط الجديد. ربما يترك ابنه يطلق سياسة لبنانية محلية ويتذكر حلمه بانهاء حياته في البتاغونيا الأرجنتين فنلتقي معا هناك.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *